0 تصويتات
بواسطة (479ألف نقاط)
"النتائج والتوصيات

تناول هذا البحث بالدراسة والتحليل حركة الهجرة الداخلية للسكان في جمهورية مصر العربية مع التركيز تفصيلا ً على تيار الهجرة من الريف إلي الحضر.

وقبل استعراض النتائج التي توصلت إليها الدراسة علينا أن نذكر إن المشكلة الرئيسية التي تعاني منها مصر هي اختلال التوزيع الجغرافي للسكان وتمثل الهجرة الريفية ـ الحضرية أحد أسباب هذا الاختلال، وهو أمر يعوق الاستخدام الكفء لموارد الدولة حيث يتجه الريفيون إلي المناطق الحضرية المكدسة بالسكان الأصليين ويتحولون في أغلب الأحيان إلي طاقة عاطلة بينما مناطق أخرى تذخر بالموارد الطبيعية مثل المعادن والإمكانيات غير المستغلة لعدم توفر العنصر البشري بها.

وننتقل الآن إلي تناول نتائج الدراسة.

1- النتائج:-

تناولت الدراسة في الفصل الأول تعريف الهجرة الداخلية بصفة عامة، طرق قياسها، أنماطها تصنيفاتها، تياراتها، اتجاهاتها وأخيراً خصائص المهاجرين.

- ومن خلال دراسة الهجرة الريفية إلي الحضر في مصر وجد الباحث أن الوزن النسبي لتيار الهجرة الريفية إلي الحضر قد ارتفع بمقدار 6% مما يوضح استمرار هذا التيار في النمو مقارنة بباقي تيارات الهجرة الداخلية وهو ما يمثل مؤشراً لمدى خطورة استمرار هذا التيار بالوضع الحالي دون توجيه.

 - وقد حدد الباحث المناطق الحضرية الجاذبة للمهاجرين في مصر في ثلاث محافظات رئيسية تكررت في تعدادات السكان الثلاث (1976، 1986 و1996) وهذه المحافظات هي القاهرة، الإسكندرية والغربية، بالإضافة إلي محافظتي البحيرة والمنوفية عام 1976 والقليوبية عام 1986 وأخيراً الجيزة والقليوبية عام 1996.

أما مناطق الطرد فقد تركزت في ريف محافظات المنوفية، الدقهلية، الشرقية والغربية في الوجه البحري، بينما في الوجه القبلي كانت محافظات سوهاج، قنا وأسيوط هي مناطق الطرد الريفية على مدى الثلاث تعدادات مع تصدر سوهاج في كافة الأعوام.

- كما حددت الدراسة عدداً من الخصائص التي يتميز بها المهاجرون من الريف دون غيرهم من غير المهاجرين الذين يستمرون في الإقامة بالقرى، وتتمثل هذه الخصائص فيما يلي:

1-            الغالبية العظمى من المهاجرين الريفيين ينتمون إلي الفئة العمرية من التاسعة عشر إلي التاسعة والثلاثين عامأ.

2-            غير المتزوجين والمتزوجون وليس لديهم أطفال يميلون إلي ترك الريف والاتجاه إلي الحضر أكثر من غيرهم من الريفيين المتزوجين ولديهم أبناء.

3-            الأفراد الذين يأتون من أسر كبيرة الحجم أكثر ميلا إلي الهجرة إلي المدن.

4-            تشير الدراسات السابقة إلي إنه كلما زاد مقدار التعليم الذي يحصل عليه الريفي زادت رغبته في الهجرة إلي المدينة، ولكن الباحث وجد إن هذه القاعدة لا تنطبق على مصر حيث إن النسبة الأكبر من المهاجرين الريفيين هم من غير المتعلمين ويمثلون 45.9% من إجمالي المهاجرين إلي الحضر يليهم الحاصلون على تعليم فني وأخيراً يأتي خريجي التعليم العالي بنسبة 1.2% من إجمالي المهاجرين الريفيين، وقد يرجع ذلك إلي إن أعداد خريجي الجامعات في الريف ظلت حتى وقت قريب محدودة.

5-            الأفراد الذين لا يمتلكون أصولاً ثابتة من أراضي زراعية أوعقارات بالريف ولا يديرون عملاً خاصاً بهم هم الأكثر ميلاً إلي الهجرة من الريف إلي المدن.

        6- أخيراً، فإن توجه الفرد تجاه جني ثروة أوالاهتمام بالأسرة في المقابل أمر يلعب دوراً كبيراً في   اتخاذ  قرار الهجرة من الريف إلي الحضر، فالأفراد الذين يفضلون رعاية أسرهم عن قرب يكونون أقل ميلاً للهجرة من الريف إلي الحضر.

وفيما يتعلق بنتائج النموذج فهي كالآتي:

1)            وجد الباحث أن نموذج الدراسة يقوم بتفسير 71.1% من ظاهرة الهجرة الريفية إلي الحضر في    مصر وفقاً إلي تعداد عام 1986 و83.6% باستخدام بيانات 1996.

2)            معامل الارتباط المتعـدد بين المتـغير التابـع والمتغـيرات المستـقلة المعنوية إحصائيا كـان ر= 0.843 عام 1986 و في عام 1996 كان ر = 0.914 وهو ما يشير إلي ارتباط طردي وقوي بينما معامل الارتباط الجزئي بين المتغير التابع وكل متغير مستقل على حدة يشير إلي ارتباط ضعيف، وهو ما يؤكد إن ظاهرة الهجرة الداخلية من الريف إلي الحضر لها أسباب متعددة ودوافع متشابكة لا يمكن إخضاعها كلها للقياس.

3)            كما أوضح الجزء التطبيقي إن الدوافع ذات المعنوية الإحصائية والتي أثرت في حركة الهجرة من الريف إلي المدن عام 1986 هي:

معدل البطالة في الحضر

نسبة المستفيدين من المرافق بالحضر

عدد المهاجرين السابقين

عدد سكان الريف

المسافة بين الريف الحضر

نسبة سرير / فرد في المستشفيات بالحضر

معدل البطالة في الريف

وهذا الترتيب وفقاً لمرونة هذه المتغيرات مما يساعد على تحديد المتغيرات التي يجب إعطاؤها أولوية أكبر عند اقتراح سياسات لإعادة توجيه الهجرة الريفية إلي الحضر.

وفي عام 1996 ظلت هذه المتغيرات نفسها ذات المعنوية الإحصائية ولكن مع اختلاف ترتيبها كما يلي:

معدل البطالة في الحضر

 عدد المهاجرين السابقين

معدل البطالة في الريف

المسافة بين الريف والحضر         

نسبة سرير / فرد في المستشفيات بالحضر

عدد سكان الريف

نسبة المستفيدين من المرافق بالحضر

وقد صاغ الباحث عدداً من المقترحات وفقاً إلي هذه النتائج وهذه المقترحات متضمنة في الجزء التالي.

2- التوصيات:-

يتمثل الهدف الرئيسي لهذه الدراسة في علاج الاختلال في التوزيع الجغرافي للسكان وهو ما يتطلب إعادة توجيه تيار الهجرة الريفية ـ الحضرية بعيدأ عن مناطق الجذب الحضري الحالية.

ومن ثم فقد توصل الباحث إلي عدد من التوصيات لتحقيق هذا الهدف وفقاً إلي نتائج الدراسة ويمكن صياغة هذه التوصيات المقترحة في إطار ثلاثة محاور هي:

أولا ً: التنمية الريفية    

ثانياً: الحد من دخول المهاجرين إلي المدن

ثالثاً: إقامة مدن ومناطق عمرانية جديدة

أولا ً: التنمية الريفية:-     

تهدف هذه العملية إلي تنمية الريف اجتماعياً واقتصادياً بما يحوله من مناطق طاردة إلي مناطق استقرار لسكانه من خلال عدد من السياسات المقترحة مع الأخذ في الاعتبار إن ترتيب عرض هذه المقترحات يعتمد على ترتيب المتغيرات المستقلة عام 1996وفقا ً لمروناتها.

1- أولى خطوات التنمية الريفية هي الحد من البطالة في القرى وأحد وسائل تحقيق ذلك تشجيع قيام الصناعات والمشروعات الصغيرة عن طريق توفير التمويل اللازم لها والعمل على إزالة المعوقات التي تؤدي إلي فشل هذه المشروعات مثل صعوبة التسويق وكثرة الضمانات المطلوبة للحصول على القروض.

2- توفير الخدمات بالقرى من مواصلات واتصالات بالإضافة إلي الخدمات الصحية والمرافق والبنية الأساسية من كهـرباء ومـياه شرب نقيـة وصرف صحي، ويمـكن تمـويـل هــذه المشروعات من خلال نظام ال BOT.

وهذه المشروعات بدورها من شأنها توفير فرص عمل للعديد من العمال الريفيين وهو ما يحد من مشكلة البطالة في الريف ويشجع الريفيين على البقاء فيه.

3- تطبيق سياسات فعالة وحاسمة لخفض معدلات النمو السكاني في الريف مما يقلل الضغط على الريفيين ويحد من رغبتهم في الانتقال إلي المدن، وقد استعرض الباحث تفصيلا ً السياسات المباشرة وغير المباشرة التي يمكن إتباعها وذلك في الفصل السابع.   

ثانياً: الحد من دخول المهاجرين إلي المدن:-

ويكون ذلك من خلال عدة خطوات:

1- إعطاء مزايا لمواليد حضر المحافظة الأصليين مقارنة بأقرانهم من الريفيين الوافدين إلي حضر هذه المحافظة، ومن أمثلة هذه المزايا إعفاء جزئي من الضريبة على الدخل أوالحصول على مجانية تعليم للطفل الأول.

2- القيام بحصر دوري للريفيين الوافدين إلي المدن الذين لا يعملون وإعادة توجيههم إلي المدن الجديدة والمناطق التي تتوفر بها فرص عمل ومستوى معيشي أفضل.

ثالثاً: إقامة مدن ومناطق عمرانية جديدة:-

من أجل إعادة توجيه تيار الهجرة الريفية بعيداً عن المدن القديمة لابد من إتاحة بديل للمهاجرين الريفيين من خلال إنشاء مدن ومناطق عمرانية جديدة، ولكي تنجح هذه المدن الجديدة في اجتذاب تيار الهجرة الريفية لابد من العمل على توفير عوامل الجذب به والتي أوضح نموذج الدراسة أن لها تأثير معنوي على الفرد عند اتخاذ قرار الهجرة من الريف وهذه العوامل تتمثل في الآتي:

1- توفير المرافق والبنية التحتية ومختلف الخدمات في هذه المدن مما يساعد عل توطن الصناعات والاستثمارات في هذه المدن وهو ما يتيح العديد من فرص العمل للوافدين الريفيين.

2- منح الوافدين من الريف أوالمدن القديمة إلي هذه المناطق العمرانية الجديدة مزايا ضريبية لفترات محددة.

3- إقامة مساكن ذات أسعار منخفضة للعاملين في هذه المدن مما يشجع الريفيين على الاستقرار بها واستقدام أسرهم لتتحول هذه المدن الجديدة إلي نواة لتجمعات سكانية تشجع مزيداً من الريفيين على الاتجاه إليها.

4- كذلك لابد من زيادة الوعي لدى الريفيين بهذه المدن الجديدة وكل ما يتم بها من استثمارات وخدمات جديدة تضاف إليها عن طريق الإعلان الدوري عنها وعن فرص العمل المتاحة بها بصورة دورية في الريف مما يشجع الريفيين على الاتجاه إلي المدن الجديدة المعلن عنها بدلاً من المدن القديمة.

ويمكن تحديد اتجاهين عند الحديث عن إقامة المدن الجديدة:

أولاً: الاتجاه إلي الصحراء الغربية وإنشاء مناطق عمرانية بها حيث يمكن إقامة المشروعات الصناعية بها وكذلك التوسع أفقياً في الزراعة بهذه المناطق وهذا من شأنه أن يخلق فرص عمل كثيرة وبالتالي يشجع الهجرة الريفية على التوجه إلي المدن الجديدة بهذه المناطق.

ثانياً: الاتجاه إلي تعمير الصحراء الشرقية من خلال تشجيع الصناعات التعدينية، بالإضافة إلي أنشطة السياحة والصيد مما يتلاءم مع طبيعة هذه المناطق.

- توصيات لدراسات مستقبلية:

بالإضافة إلي ما سبق هناك عدد من التوصيات التي أسفر عنها البحث الحالي والتي يمكن أن تؤخذ في الاعتبار في دراسات أخرى قادمة:

- أولاً: هناك أربعة تيارات للهجرة الداخلية تناول الباحث واحداً منها هو تيار الهجرة من الريف إلي الحضر ويمكن دراسة التيارات الثلاثة الأخرى والتعرف على عوامل الجذب والطرد في كل حالة على حدة مع وضع نموذج قياسي لكل من هذه التيارات.

- ثانياً: دراسة حركة الهجرة الريفية ـ الحضرية في ضوء بيانات التعداد العام للسكان لعام 2006 عند نشره من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وتحديد مدى التغيرات التي طرأت على تيار الهجرة من الريف إلي المدن منذ آخر تعداد للسكان عام 1996 والمتضمن في هذه الرسالة.

- ثالثاً: دراسة تيار الهجرة من مدن وقرى وادي النيل إلي المدن الجديدة وتحديد مدى التحسن في قدرة هذه المدن على جذب المهاجرين.

- رابعاً: يمكن كذلك دراسة الهجرة الداخلية للعمالة تحديداً وأثر التغيرات الاقتصادية عليها مثل برنامج الإصلاح الاقتصادي أو التغيرات في قوانين الاستثمار."

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى منصة دليلك، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...